“كفّت عن شغلها وراقبتني وطلبت أن آتيها بقُلّة الماء لتشرب فسألت إن كانت تنتوي إعطائي القرش صاغ حقًّا؟ صرخت لاعنةً أبي وأمي والذي يصكّ الفلوس ومن عملها وحلفت بشرف المصطفى ألا تطول يدي منها مليمًا بعد اليوم، فجريت دون أن أبلّ صداها وهرولتْ خلفي بالشارع الواسع وبيدها قِنو النخلة، الذي تعلّم عروقه على الجسد ولا ينام الملسوع منه الليالي الطوال، كنت ألهث وهي لا تكفّ عن ملاحقتي، والناس يستغربون من “أم عبد الرحمن” العجوز التي تعمل عقلها بعقل حفيدها الصغير، لكن عندما لاحت سيارة الفنطاس السوداء على الطريق والتي تحمل المازوت لمصنع الطوب بآخر شارع البحر، ارتفع صراخها ليشق غبار الخماسين ويوقظ السماء المتربة فوقفتُ مقيّدًا مرتعدًا وحولي حلقة من البشر تطمئن على الذي أوشك أن يصير طعامًا للغولة السوداء!”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.